هناك العديد من القضايا التي تثير اهتمام المجتمع المصري فيما يتعلق بحضانة الأبناء بعد الطلاق، وهي قضية تنطوي على جوانب قانونية واجتماعية وإنسانية بالغة الأهمية. وفقًا للقانون المصري، فإن حضانة الأطفال بعد الطلاق تخضع لعدد من الأحكام والقواعد التي تهدف إلى حماية مصالح الأطفال وكفالة حقوقهم.
وقد وضع القانون الأم في الدرجة الأولى من ترتيب الحضانة، ويليها الجدة من ناحية الأم، ومن بعدها الجدة من ناحية الأب، ثم الأب، وهذا الترتيب طبقًا لتعديلات مشروع قانون الأحوال الشخصية الأخير، حيث تم تعديل ترتيب الأب من المرتبة السادسة عشر إلى الرابعة مراعاة لمصلحة الأبناء.
كما نص القانون على شروط معينة تنتقل بموجبها الحضانة من الأم إلى الأب
وطبقاً للمادة (20) من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 4 لسنة 2005 فإنه
ينتهي حق حضانة النساء ببلوغ الصغير أو الصغيرة سن الخامسة عشر، ويخير القاضي الصغير أو الصغيرة بعد بلوغ هذا السن في البقاء في يد الحاضنة دون أجر حضانة وذلك يبلغ الصغير سن الرشد وحتى تتزوج الصغيرة.
أي أن ينتهي سن الحضانة ببلوغ الولد 15 سنة والبنت حتى تتزوج وعندها يحق للزوج أو الأب أن يطلب من المحكمة أن تخير الأبناء بين البقاء مع الأم أو الانتقال لحضانته.
وبذلك تمتلك الأم الأحقية في حضانة صغارها حتى هذا السن، ما لم تسقط عنها لأي سبب قانوني.
ويُعد زواج الأم سبباً لانتقال حق الحضانة. ففي حالة زواج الأم، يحق للأب المطالبة بنقل الحضانة إلى الجدات من جهة الأم، ثم إلى الجدات من جهة الأب، ثم إلى الأخوات. كما أن سفر الأم بالأطفال بهدف إعاقة حق الزيارة يعتبر مخالفة قانونية تؤدي إلى سلبها الحضانة.

وفي هذا الصدد، فإن القانون قد حدد عددًا من الشروط والضوابط التي يجب أن تتوافر في الشخص الذي يتولى حضانة الأبناء، من بينها أن يكون قادرًا على رعاية الطفل وكفالته ماديًا ومعنويًا، وأن يكون ذا سلوك حسن وأخلاق كريمة، وأن يكون قادرًا على حماية الطفل من أي أذى أو إساءة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن القانون قد منح للقاضي سلطة تقديرية واسعة بالنسبة لحضانة الطفل، بحيث يجوز له أن ينظر في جميع ظروف القضية والعوامل المؤثرة في مصلحة الطفل، وأن يصدر حكمه وفقًا لما يراه مناسبًا لتحقيق هذه المصلحة.
ومن الجدير بالذكر أن قضية حضانة الأطفال بعد الطلاق تثير العديد من الجدالات والخلافات في المجتمع المصري. فهناك من يرى أن حضانة الأم هي الأولى والأفضل للطفل، بينما يرى آخرون أن الأب قد يكون أكثر قدرة على توفير الرعاية والحماية للطفل في بعض الحالات.
وعلى الرغم من وجود هذه الخلافات، فإن القانون المصري قد حرص على وضع إطار قانوني متكامل لحضانة الأبناء بعد الطلاق، يهدف إلى حماية مصالح الأطفال واحترام حقوقهم، وذلك انطلاقًا من المبدأ الأساسي الذي ينص على أن “مصلحة الطفل هي الأساس والمعيار في تحديد من يتولى حضانته”.
وفي ضوء ما تقدم، يتضح أن قضية حضانة الأطفال بعد الطلاق في مصر تعد قضية بالغة التعقيد والأهمية، تنطوي على العديد من الجوانب القانونية والاجتماعية والإنسانية. وإن تطبيق القانون في هذا الشأن يتطلب درجة عالية من الحكمة والحياد والنظر في جميع ظروف القضية وعوامل مصلحة الطفل، بما يكفل حماية حقوقه ورعايته وتوفير أفضل الظروف له للنمو والتطور.